“تَرْوِيكَا مغاربيَّة” لتعويض “اتِّحاد المغرب العربي”؟؟؟
تنفيذا لما أعلن عنه الرَّئيس تبُّون على هامش قمَّة الغاز في الجزائر يوم 2 مارس من تنظيم قمَّة ثُلاثيَّة دوريَّة تنطلق بعد أسبوع من شهر رمضان في تونس، أعلن قصر قرطاج مند حين عن تنظيم “اللِّقاء التَّشاوري الأوَّل بين قادة البلدان الشَّقيقة الثَّلاثة” يوم الإثنين القادم 22 أفريل 2024، بعد أن أفسدت “ميلوني” الموعد الأصلي واستبقت الأسبوع الأوَّل بعد رمضان بزيارتها التَّفقُّديَّة الرَّابعة لتونس، لغايات حملتها وحملة أقصى اليمين الأوروبي للانتخابات الأوروبِّيَّة..
ويأتي هذا الحراك الثُّلالي بعد أن قرَّرت الجزائر سحب موظَّفيها ومساهماتها الماليَّة من اتِّحاد المغرب العربي على خلفيَّة تصريحات وتعيينات الأمين العام التُّونسي الطَّيِّب البكُّوش..
وكانت الرِّئاسة الموريتانيَّة أعلنت رفض موريتانيا المشاركة منذ تسريب القرار على هامش قمَّة الغاز في الجزائر وامتنع رئيسها الشَّيخ ولد الغزواني عن حضور اللِّقاء الثُّلاثي الَّذي جمع الرَّئيس تبُّون بالرّئيسين سعيِّد والمِنفي، وصرَّحت عبر قنواتها الرَّسميَّة وغير الرَّسميَّة أنَّها غير معنيَّة بأيِّ تنسيق مغاربي مشترك خارج التَّعاون الثُّنائي أو الإطار المغاربي المُشترك..
ونفس التَّصريحات صدرت مؤخَّرا عن المجلس الرِّئاسي اللِّيبي، يُضاف إلى ذلك رفض الحكومة الشَّرعيَّة في طرابلس أيَّ مساس بالعلاقات الأخويّة بالمملكة المغربيَّة، وهو الموقف الَّذي تتشارك فيه مع حكومة طُبرق المدعومة من المُشير خليفة حفتر ومن بعض الدُّول العربيَّة وأساسا جمهوريَّة مصر العربيَّة ودولة الإمارات العربيَّة المُتَّحدة..
وإذا كانت رغبة الجزائر مفهومة في قبر تجربة “اتِّحاد المغرب العربي” واعتباره في عُداد العَدَم، وهو نفس الموقف الَّذي تسرِّبه الأوساط المغربيَّة المُقرَّبة من “المخزن”، فإنَّ تونس غير ملزمة بمجاراة الموقف الجزائري..
فمنصب الأمانة العامَّة من نصيب تونس، كما أنَّ تونس من أبرز الرَّابحين من إنشاء الاتِّحاد وتفعيل آليَّاته وأدواته السِّياسيَّة والتَّشريعيَّة والتَّنفيذيَّة والاقتصاديَّة..
كما أنَّ تونس كانت ولا تزال أبرز الدُّول المغاربيَّة الحريضة على إنشاء الاتِّحاد، وعلى النَّأي به عن الخلافات الثُّنائيَّة..
بل إنَّ تونس هي من اقترحت ترك الخلافات الثُّنائيَّة جانبا والعمل المشترك، وهو ما قاد إلى تأسيس “مكتب المغرب الغربي” في تونس وفي الرِّباط في مرحلة أولى في سبعينات القرن الماضي، قبل تأسيس الاتِّحاد رسميًّا في مراكش في أواخر ثمانيناته..
كما احتضنت تونس اجتماع المَهديَّة في جوان 1958 لمتابعة اجتماع طنجة في أفريل 1958، وهما الاجتماعان التَّأسيسيَّان للعمل المغاربي المشترك ولتأسيس الإتّحاد المغاربي..
وعليه، فإنَّ كلَّ خطوة غير مدروسة وخاضعة لدواعي واعتبارات سياسيويَّة بحتة ستكون لها تأثيرات جيواستراتيجيَّة وخيمة على بلد مثل تونس..
نعم نحن في حاحة لتعزيز التَّعاون الثُّنائي بالتَّعاون الثُّلاثي التُّونسي الجزائري، كرافد للتَّعاون المغاربي الشَّمال إفريقي، وليس كبديل عنه..
ولتكن عاصمته “برج بورقيبة” (بُرج القدِّيس سابقا)، على الحدود الثُّلاثيَّة المشتركة، الَّتي قَضم منها الاستعمار الفرنسي 13 ألف كلم2 سنة 1954 قُبيل الاستقلال المجيد، من بئر الرُّومان إلى قرعة الهامل جنوبي غدامس، فضَّل الطّرف التّونسي أن يقع التّنازل عنها في اتَّفاقيَّات سنة 1968، بكامل ترابها وبما حوت بواطن الأرض فيها للجزائر وليبيا حرصا على حُسن الجوار..
نَعم للتَّعاون الثُّنائي والثُّلاثي، ولكن ليس على حساب التَّعاون الإقليمي وبالأخص المغاربي والعربي والإفريقي والإسلامي..