زيارة ميلوني لتونس: اتفاقيات اقتصادية فقيرة وضغوط متزايدة على الهجرة
حرصت رئيسة الحكومة الإيطاليّة “ميلوني”على برمجة زيارتها الرّابعة إلى تونس قبيل تحوّلها مباشرة إلى بروكسال للقاء شركائها الأوروبيين بمقرّ الإتّحاد الأوروبي وذلك قصد تقديم دليلا “تونسيّا”على جدوى سياستها في مراقبة تدفّق المهاجرين الأفارقة على أوروبا وظهورها بمظهر الحامى لظهر كامل القارّة ، وشارك في الزّيارة وزيرها للدّاخليّة ووزيرتها للجامعات ونائب وزير خارجيتها ، وهي تركيبة ضعيفة حكوميّا تبرز مركزيّة البعد الأمني لهذه الزّيارة والتّعاطي مع تونس كحارس حدود لا غير هي تركيبة حكوميّة ضعيفة بالمقارنة بضخامة وتنوّع الوفد الحكومي الإيطالي الذّي رافق السيّدة “ميلوني” في زيارتها للجزائر أو لمصر أخيرا والذّي شهد مشاركة عناصر وازنة من حكومتها على رأس قطاعات تنمويّة استراتيجيّة وغير “شرطيّة”.
وما أثار انتباه الملاحظين الإيطاليين وخاصّة الصّحافة الإيطاليّة هو إعلان رئاسة الحكومة الإيطاليّة عن عقد ميلوني ندوة صحفيّة في ختام زيارتها لتونس والحال تمّ نشر صورا لها أمام الميكروفونات وبدون حضور صحفيين أو حضور وهو مجرّد تصريح أطنبت فيه الشّكر والثّناء على الرّئيس قيس سعيّد وهي عادة دأب عليها الرّئيس التّونسي حيث أنّه لا يولي اهتماما لتنظيم مثل هذه النّدوات للصّحفيين التّونسيين أو غيرهم ، ولا يهتمّ بالتّغطية الإعلاميّة وإنارة الرّأي العامّ ، فخبر الزّيارة هذه لم يعلن عليه في وسائل الإعلام بتونس ولا في الصّفحة الرّسميّة لرئاسة الجمهوريّة بل وقع السّماع به عن طريق وسائل الإعلام الإيطاليّة قبل بضعة أياّم من موعدها.
واعتبرت الصّحافة الإيطاليّة هذا التصرّف تزييفا لوقائع الزّيارة ،واهتمّت الصّحافة كذلك بدواعي الزّيارة وفق وفق ما أعلنت عنه رئيسة الحكومة نفسها في ما سمّي بالمؤتمر الصحفي حيث عبّرت عن عدم فهمها لما أسمته “انقلابا عكسيّا”في الأرقام خلال الشّهر الأخير ،حيث تزايد عدد المهاجرين في هذه الفترة بنسبة 81,17% مقارنة بنفس الفترة من السّنة الماضية ممّا عجّل بزيارتها التّفقديّة الرّابعة لتونس لفهم الأمر مباشرة من صاحب الحلّ والعقد نفسه.
ولم تهتمّ الصّحافة الإيطاليّة بمذكّرات التّفاهم التّي تمّ إمضاؤها واعتبرتها الإعلام في تونس أنّها مجرّد فتات قد تنفّذ أو لا تنفّذ ،وتعلّق هذا الفتات بدعم مباشر لميزانيّة الدّولة لتغطية جزء قليل من تكلفة الطّاقة وفتح خطّ ائتماني للشركات التّونسيّة الصّغيرة والمتوسّطة المتعاونة مع نظيراتها الإيطاليّة ومذكّرة تفاهم بين وزارة الجامعات الإيطاليّة ومراكز البحث لتيسير الإستفادة الإيطاليّة من الكفاءات التّونسيّة.
أمّا في تونس فإنّ الرّأي عامّ اهتمّ بالهوامش أكثر من اهتمامه بمخرجات الزّيارة مثل إبرام الإتّفاقيات بصفة أحاديّة من طرف قيس سعيّد دون عرض هذه الإتفاقيّات على مصادقة مجلس نواب الشعب ، وكذلك بالكمّ الهائل من باقات الورود بالقصر الرّئاسي على غير العادة وظهور رئيس الجمهوريّة مبتسما كلّما التقى الضيفة الإيطاليّة على عكس ظهوره مع الشّعب التّونسي حيث يبدو متجهّما متبرّما عبوسا يكيل السّباب والشّتائم والإتّهامات .
وملخّص الزّيارة هي إشعال الضّوء الأحمر في علاقة بكمّ تدفّق المهاجرين من تونس وليبيا وجنوب الصّحراء.