في أسبوع واحد: تونس تشهد حرق أربعة مواطنين لأنفسهم أمام مبانٍ حكومية

منذ إقدام محمّد البوعزيزي في السّابع عشر من ديسمبر 2010 على إضرام النّار في جسده والتّضحية بنفسه احتجاجا على الظلم الذي تعرّض له والحيف من خلال منعه من نشاطه التّجاري البسيط وإثر ما تبع هذه الحادثة من انطلاق شرارة ثورة ما سمي بالرّبيع العربي من تونس 17 ديسمبر /جانفي 2011 ,منذ هذه الحادثة التّي أطاحت بنظام الرّئيس زين العابدين بن علي تتالت عمليّات الإنتحار ومحاولات الإنتحار حرقا ، ودأبا على سنّة البوعزيزي أقدمت مؤخّرا في مدينة صفاقس بائعة متجوّلة على إضرام النّار في جسدها إثر مشادّة كلاميّة مع عناصر من الشّرطة الذّين حجزوا بضاعتها ممّا تسبّب لها في حروق بليغة ، وتوفي يوم الخميس الماضى شابّ عشريني يدعى ياسين السّالمي بمنطقة بوحجلة من ولاية القيروان متأثّرا بحروق بليغة بعد إضرام النّار في جسده بعد تدخّله لفضّ خلاف بين شخصين آخرين بمركز الشّرطة فقام الأعوان هناك بتهديده بالإيقاف وتمّ الإعتداء عليه فجلب البنزين وسكبه على جسمه وأشعل فيه النّار ،وفي نفس الأسبوع أقدمت شابّة عشرينيّة بالقصرين بالوسط التّونسي كذلك على محاولة الإنتحار حرقا أمام مقرّ السّيادة ولئن لم يكشف بعد عن أسباب ذلك فإنّه من الأرجح أن تكون الأوضاع الإجتماعيّة من فقر مدقع وبطالة هي وراء محاولة الإنتحار هذه ، وهي خطوة لتحميل السّلط تداعيات هذا الفعل وتبعاته.

ونذكر أنّ حالات الإنتحار التّي سجّلت منذ 2011 فاقت 200 حالة انتحار حرقا ،وهي ظاهرة مثيرة للقلق وتبرز مدى اليأس والقنوط الذّي استبدّ بالشّباب خاصّة الذّي عادة ما تكون ردّة فعله على الأوضاع الإقتصاديّة والإجتماعيّة والسيّاسيّة إمّا الإنتحار أو الهجرة السريّة والتّي في أغلب الأوقات تكون نهايتها الموت غرقا .
ففي أسبوع واحد تواترت محاولات الإنتحار حرقا وهي حصيلة لم تعرفها تونس من قبل وهي دليل على بلوغ أقصى ذروة اليأس في تغيير الأوضاع .

هذه الحصيلة أربع محاولات انتحار في أسبوع واحد أسبوع عيد الفطر الذي يكثر فيه الإستهلاك في ظلّ غلاء فاحش في الأسعار وعدم قدرة العائلات التّونسيّة على توفير حاجيّاتها فلئن أقدم هؤلاء على حرق أجسامهم فإنّ أغلب الشّرائح الإجتماعيّة بصدد الإكتواء بنار الأسعار ، تأتي هذه الأحداث المؤلمة وسط تعتيم إعلامي ملفت حيث لم تتعرّض لذلك وسائل الإعلام بمختلف مستوياتها مكتوبة كانت أو مسموعة أو مرئيّة ،تحسّبا لردود فعل الرّأي العامّ وطمسا لحقيقة الأوضاع الاقتصادية والإجتماعيّة ولمواصلة المغالطة وتزييف الواقع المرير الذّي يعيشه التّونسي اليوم !