قرض خارجي جديد لتونس ب 300 مليون دولار رغم خطب قيس سعيّد ضدّ التّداين!

أحالت رئاسة الجمهوريّة بتاريخ 4 ماي /أيار 2024 مشروع قانون إلى مجلس نوّاب الشّعب مع التّوصية باستعجال النّظر يتعلّق بالمصادقة على اتّفاق قرض بين الجمهوريّة التّونسيّة والبنك الدّولي للإنشاء والتّعمير بمبلغ قدره 300 مليون دولار لتمويل مشروع دعم التّدخل العاجل من أجل الأمن الغذائي بتونس الذّي سيتولّى إنجازه ديوان الحبوب، ويعتبر البنك الدّولي للإنشاء والتّعمير أكبر بنك إنمائي في العالم يقوم بمساعدة البلدان على الحدّ من الفقر وتوسيع نطاق المنافع المتأتية من النّمو المستدام .

ويأتي هذا القرض في مرحلة اتّسم فيها الخطاب الرّسمي لرئيس الجمهوريّة بدعوات التّعويل على الذّات وعلى الإمكانات الذاتيّة للدّولة ولخطاب السّيادة وعدم الرّضوخ لإملاءات صندوق النّقد الدّولي والبنك العالمي من منطلق الحفاظ على السّيادة الوطنيّة وعدم إتاحة الفرصة للتدخّل في الشّأن الوطني والبديل على ذلك مقاومة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة المودعة ببنوك في الخارج وموارد الصّلح الجزائي لرجال الأعمال الفاسدين ،ويأتي هذا القرض كذلك في ظرف تشهد فيه السّوق الدّاخليّة ندرة في بعض الموّاد المعيشيّة الأساسيّة مثل السّكر والطّحين والأرز والزّيوت النّباتيّة وما طلب استعجال النّظر في مشروع القانون هذا إلاّ دليلا على قرب نفاذ كميّات الحبوب التّي وصلت عن طريق الهبات أو المقايضة من روسيا بعد جولة لوزير الخارجيّة هناك أو من الجزائر وغيرها .

وفي زمن غير بعيد وصلت تونس في انتاج الحبوب إلى الإكتفاء الذّاتي وكذلك في إنتاج الألبان غير أنّ السّياسات الزّراعيّة اليوم أضاعت الثّوابت وفقدت البوصلة وغاب عنها التّخطيط وبعد النّظر لبلوغ الإكتفاء الذّاتي فأصبح الشّعب التّونسي يفتقد لأبسط مقوّمات الأمن الغذائي وتوجّهت الدّولة إلى الإقتراض عوض البرمجة والتخطيط والإحاطة بالفلاّحين والمزارعين وإرشادهم وتشجيعهم حتّي تتجنّب البلاد الإقتراض من أجل الغذاء وسدّ الرّمق واستغلال مثل هذه القروض لمسائل تنمويّة مجدية ومربحة فلا مستقبل لشعب يقترض من أجل لقمة العيش .

ويتّضح من خلال الخطاب الرسمي لرئيس الجمهوريّة أنّه مجرّد خطاب للإستهلاك الدّاخلي وهو خطاب شعبويّ لا يستند على وقائع وعلى الأوضاع الحقيقيّة للبلاد فالأجدر التّفكير بجديّة في وضع برامج تشاركيّة للزّراعة وإحياء الأراضي وإدماج السّوق الموازية وايجاد حلول لمشاكل الموارد المائيّة والحدّ من الإقتراض الذي بلغ 2,2 مليار دولار سنة 2022 ليرتفع إلى مستوى 3,2 سنة 2023 .